Close

21 يوم = 504 ساعة

مساء أمس كان هو آخر عهدنا بمنطقة الخليج التي قضينا فيها ثلاثة أيام تقريبا، تفرغت خلالها لاستغلال البركات المجانية التي حدثتكم عنها سابقا من تلفزيون و لتلفون و انترنت وصحف و مجلات……و غيرها من البركات الحارة نسبيا هذه المرة بسبب دخول فصل الصيف!

جديدي أنه لم يتبق على إتمامي لفترة الثلاث أشهر سوى ثلاثة اسابيع بالتمام و الكمال، أتمنى أن تمر هذه الأيام المتبقية بسرعة فلا أكاد أطيق صبرا على العودة إلى أرض الوطن و رؤية ابني عامر من جديد…بدأ العد التنازلي…. فلنحسب سوية!!

إلى اللقاء يا…. Abdul!

في مقابل (البركات) التي غمرتنا كانت هناك (إحباطات) تمثلت في مغادرة صديقي و رفيق دربي في هذه الرحلة “عبدالكريم” ضابط الملاحة الثاني و أقدم شباب الشركة المواطنين، و معنى ذلك أنني من الآن فصاعدا يجب أن أعتمد على نفسي في مسألة الإستيقاظ لصلاة الفجر حيث كان “Abdul” -كما يلقب في السفينة- يتكفل بهذه المهمة يوميا بكل كفاءة و اقتدار بعد أن يقوم بحساب التوقيت و اتجاه القبلة، مما يجعلني أنام قرير العينين و مستريح البال و أنا واثق من قيامي لأداء هذه الصلاة المفروضة، كما أنه كان خير جليس و ونيس خلال هذه الرحلة فعادة ما كنا نجلس ندردش سوية و نناقش خلال العدد من المواضيع الحيوية…حاليا لم يتبقى سوى زميلي “شريف” أو “أبو أحمد” و هو مهندس مصري الجنسية يفوقني عمرا و رتبة و لكنه سيرحل هو بدوره حالما نصل إلى اليابان لأبقى وحيدا مع “زيجور” و صحبه من الأسبان!

أوساكا هذه المرة!

وجهتنا هذه المرة سوف سوف تكون استثنائية نحو مدينة أوساكا إحدى المدن اليابانية الكبيرة بدلا من المينائين التقليديين في خليج طوكيو و ذلك بعد فترة من الحيرة و الترقب بخصوص ميناء التفريغ القادم كنا نأمل خلالها أن نذهب إلى وجهة جديدة نغير فيها من مسارنا الممل فسواء كنا ذاهبين إلى طوكيو أم إلى أوساكا فاتجاهنا يبقى شرقا…….. نحو اليابان!

و الله ما تسوى!

كانت هذه العبارة التي كان يرددها ابن خالتي الذي نجحت أخيرا في محادثته خلال تواجدنا في الخليج، فهو الآخر مبتلي مثلي بالعمل على ظهر السفن إلا أنه يعمل بشكل مؤقت على متن الناقلات الكويتية، و لحسن الحظ سفينتهم كانت راسية بالقرب من سواحل الكويت مما مكنني من الاتصال به بعد فترة طويلة من الانقطاع… كانت نبرات الضيق و الإحباط بادية بشكل واضح على نبرات صوته، هذا بالرغم من أنه يتحلى برصيد من الصبر و التحمل أغبطه عليه و صاحب نظرة تفاؤلية دائمة تجاه المستقبل، و لكن يبدو أن الكيل قد طفح لديه فأخذ يشكي لي همومه و مشاكله التي يواجهها على ظهر السفينة و ما يعانيه من غربة و وحدة….. مثل هذه المشاكل و الهموم قد تمثل( لوغاريتمات) غير مفهومة إذا ما شكاها لشخص آخر لم يعايش نفس الظروف الصعبة التي نعيش فصولها يوميا وسط البحر، فكثير من الناس الظاهر أنهم متأثرون كثيرا بأحداث الفيلم الشهير (تايتانيك) لذلك هم يظنون أن حياتنا عبارة عن متعة و سياحة نجوب خلالها أرجاء العالم المختلفة، و يجهلون أننا خلال هذه الفترات الطويلة منغمسون في الشحوم و الزيوت (المقرفة) نقاسي آلام البعد عن الأهل و الأوطان و نفتقد كثير من اللحظات و الذكريات الجميلة التي من المستحيل أن تعوض بالمال.. فعلا هذه الحياة (و الله ما تسوى)!!

بركات الخليج… “مانجوية”!

رائحة المانجو تفوح في أرجاء غرفتي الصغيرة و ذلك بعد وصلني صندوق كبير من فاكهة المانجو الطازجة، و لم يكتف أهلي بإرسال ذلك الصندوق بل أرفقوا في (كرتون الخير) كمية كبيرة من عصائر المانجو شبه الطازجة لعلمهم بمدى عشقي لهذه الفاكهة الإستوائية و جميع مشتقاتها، فأكثر ما يفرحني أن الأسواق هذه الأيام مليئة عن بكرة أبيها بالمانجو التي تباع بسعر رخيص جدا، مما يجعلني أستمتع بأكل هذه الفاكهة اللذيذة طوال فترة الصيف حيث باستطاعتي أن آكل في جلسة واحدة ما لا يقل عن 5 حبات مانجو متوسطة الحجم… لذلك لا أتوقع أن يدوم مافي الصندوق أكثر من 3 أيام أما الـ17 علبة عصير مانجو (أبو لتر)… فقد أحتاج إلى معاونة “زيجور” في القضاء عليها….!!

(774)