Close

جهزوهم.. قبل أن تزوجوهم!!

إذا كنا جادين فعلا في الحد من نسب الطلاق المرتفعة و تكوين أسر ناجحة ترفرف عليها السعادة الزوجية فعلينا أن نقوم بتجهيز كلا الطرفين و هما الشاب و الفتاة للدخول في معترك الحياة الزوجية ، و لا أقصد بكلمة تجهيز أي القدرة المالية بالنسبة للزوج فقط فالمال لا يبني السعادة لوحده، و لا التخرج والحصول على الشهادة الجامعية فليس بالضرورة أن يكون كل شاب جامعي زوجا ناجحا، و التجهيز بالنسبة للفتيات ليس بحرص الأمهات على تعليم بناتهن فنون (الطبيخ) و إعداد أطباق المأكولات و الحلويات المختلفة لزوج المستقبل عملا بالمقولة الشهيرة: (أقصر الطرق إلى قلب الزوج..بطنه) مع أنها تثبت يوما بعد يوم نجاحا ملحوظا في علاج كثير من الحالات!

مفهوم التجهيز هنا هو الإعداد النفسي و المعنوي للتأقلم مع الحياة الجديدة بعد الزواج، و كيفية تحقيق الانسجام الذهني و العاطفي بين الزوجين ،فعلى كل شاب مقبل على الزواج أن يعي حقيقة أن نظام حياته سوف يتغير بشكل كبير و لا أبالغ إذا قلت بأنه تغير جذري بعد ارتباطه، و بعد أن كان في السابق مسؤول عن نفسه و تصرفاته فقط فهو الآن يتحمل مسؤوليات جسيمة تتمثل في الزوجة و سوف تزداد مستقبلا مع مقدم الأولاد، لكن للأسف تجد من الشباب من حاله بعد زواجه هو نفسه قبل الزواج، فلا استقرار عاطفي و لا نفسي بل في كثير من الأحيان يكون حاله أسوأ من أحوال (العزاب)، فلا يعرف معنى الزواج إلا في (شهر العسل) الذي ما أن ينتهي حتى يعود إلى عاداته و (سوالفه) القديمة.

من وجهة نظري أرى أن مشكلة كثير من شباب اليوم تتمثل في أنهم يعجزون عن التخلي على حياتهم و ممارساتهم السابقة التي تعودوا عليها قبل الزواج خصوصا في النقطة التي تتعلق بالجلسات و الطلعات مع الأصدقاء ممن ارتبط بهم ارتباطا وثيقا، و هذا بدوره يخلق مشاكل لا تنتهي بين الزوجين فكل زوجة ترى أنها أحق بوقته من أصدقائه و الزوج يرى أن من حقه أن (يغير جو) مع أصحابه، فلا الزوج يعي حيقية التغيير و لا الزوجة تقدر حاجة الزوج إلى الجلوس مع أصدقائه، لذلك أعرف من الشباب من يستنكف عن الزواج و عذره في ذلك بأن الزواج و مسؤولياته عائق أمام التواصل مع (الربع) و يفضل أن يتسكع معهم ليلا و نهارا رافعا شعار (عزوبي إلى الأبد) ، لكن المصيبة تتمثل إذا ما ابتلي بـ (شلة) فاسدة ينغمس معهم في أمور محرمة و العياذ بالله.

و من زاوية أخرى لو تأملنا في كثير من المشاكل الاعتيادية التي تحدث في كثير من البيوت لوجدنا أنها تبدأ بشرارة صغيرة تكبر شيئا فشيئا حتى تصبح هشيما يأكل الأخضر و اليابس فتكون النهاية المحتومة هي الطلاق، و السبب في ذلك جهل أحد الزوجين أو كلاهما بكيفية التعامل مع مثل هذه المشاكل البسيطة و عدم الوعي الكافي بالطرق المثلى لاحتواء الأزمات الزوجية، و هنا تأتي أهمية التوعية و التربية من قبل الأبوين و إمداد الأبناء المقبلين على الزواج بالنصائح و التوجيهات التي تكفل لهم حياة زوجية سعيدة، كما أن المقبلين على الزواج عليهم أن يحرصوا على تثقيف أنفسهم عن الحياة الزوجية و إدرارة شؤونها عن طريق قراءة الكتب و حضور الندوات و الدورات المتعلقة بفنون الحياة الزوجية لذلك أنصح جميع المقبلين على الزواج على سماع محاضرات و دروس الأستاذ جاسم المطوع و قراءة مجلات الفرحة و ولدي لما تحويه من فائدة لا أنكر أنني استفدت منها كثيرا.

أخيرا لست أهول من أمر الحياة الزوجية و لا مثبطا للمقبلين على الزواج، بل بالعكس أنا من الأشد المؤيدين للزواج المبكر، خصوصا في ظل رياح (ستار أكاديمي) و (سوبر ستار) العاتية التي تهب علينا بلا هوادة و لكن بشرط أن يكون كلا الطرفين مستعدان تماما للإبحار على مركب الحياة الزوجية و ملمان بكافة الفنون و الأساليب التي تكفل لهما حياة سعيدة بلامشاكل.. فنحن لسنا بحاجة إلى مزيد من حالات الطلاق!

(758)