Close

يوميات معاكس (1-3)

ما هذا النحس الذي يلاحقني دوما أينما ذهبت و حللت؟! فمن كان يتوقع أن تتركني (فطوم كنديشن) بعد العيش و الملح الذي كان بيني و بينها و الذي امتد لسنتين كاملتين كنا فيها (كالسمن و العسل) .. و يا ليت الأمر اقتصر على تركها لي فحسب.. المصيبة أنها فضلت علي صديق عمري (قمبر) الذي كثيرا ما كان يتندر بوزنها الزائد و يبدي استغرابه من كيفية قدرتي على احتمال صوتها الأجش الغليظ الذي هو أشبه بهدير المكيفات في يوم صيفي حار، و قبلها انقطعت حبال الود مع (مريوم) التي لم تستطع الصمود أمام ضغوط أهلها بالزواج من ابن عمها الذي أنهى للتو دراسته في أمريكا، أما الضربة القاصمة فقد جاءتني على حين غرة و من من؟ جاءتني من (أمونة المزيونة) تلك الفتاة الرقيقة.. مرهفة الحس و الإحساس… الفتاة الوحيدة التي خفق لها قلبي حبا و هياما و كانت لي بمثابة الصدر الحنون و بلسم لجروحي النازفة، كما أنها كانت منجما لا ينضب من العطايا و الهدايا، كيف أنساها و هي التي أغرقتني بجمائلها و أفضالها فدائما ما كانت تفصل لي ثياب العيد و تشتري لي أغلى النعول و العطور و لم تبخل علي بشيء حتى أنها ما كانت ترضى أن نتجول معا في سيارتي- التي مجازا كنت أطلق عليها سيارة- و تصر على أن نركب سيارتها الفارهة (أم عيون) لتوفر علي تكاليف استهلاك الوقود بل من شدة هيامها بي قامت ذات مرة بتسديد جميع الفواتير الخاصة باتصالات من بيجر و هاتف متحرك و هاتف الحجرة حتى فاتورة الانترنت!! و ذلك بعد أن قامت اتصالات بقطع جميع تلك الخدمات.. خدمة وراء الأخرى عندما وصل مجموع تلك الفواتير إلى أرقام فلكية تبرأ منها والدي و لولا ستر الله لتبرأ مني أنا الآخر!!

ها أنا ذا وحيدا شريدا و (منتف) من جديد بلا أنيس و لا جليس، محبوس في هذا البيت بين جدرانه الأربع.. و أنا الذي كنت في يوم من الأيام أعرف العشرات من الفتيات الحسان، و لكن يبدو أن عين (عباس الحساد) قد أصابتني و طيرتهن جميعا، أين أذهب الآن يا ترى؟؟ الجو حار.. و الرطوبة عالية…لكني مللت الجلوس و مشاهدة التلفاز و الفضائيات السخيفة فكل ما يعرض فيها تفاهات و كلام فاضي لم يشدني منها شيء فلولا (الجزيرة) لحرقت الجهاز عن بكرة أبيه و ألقيته في عرض البحر…. على الأقل عند إحساسي بالملل كنت أتسلى أحيانا بالابحار في شبكة الانترنت و الدخول إلى مواقع الدردشة و الجات ففيها من الفتيات السذج الكثير و لايصعب على (مغازلجي) متمرس مثلي أن أوقعهن في حبائلي…لكن الوضع تغير بعض الشيء فالبنات أصبحن أكثر تحفظا و حذرا… فلا (يعطون وجها) لكل من هب و دب… و أصبح الشباب بدخلون تلك المواقع بأسماء فتيات و الفتيات يدخلن بأسماء شباب اعتقادا منهم بأنها أسهل طريقة للتعارف البريء!!.. آه .. إنها معمعة تصيب العاقل منا بالجنون…..إذن لا مفر من الرجوع إلى الطريقة التقليدية و التي لا تخيب أبدا (اغمز بعينك و فر الرقم)!!

آه.. لقد نسيت أن اليوم يوافق يوم عيد الحب (الفالانتين دي) كما أنه سيشهد الافتتاح الكبير و المنتظر لمركز (عواطف سنتر) الذي يقع في القلب النابض لـ (مغازل ستريت) طبعا هذا ليس اسم الشارع الأصلي فاسمه الأصلي كان (شارع المغازي) لكنه اشتهر بهذا الاسم بين الأوساط الشبابية لأنه أصبح مرتعا خصبا لراغبي التعارف من الجنسين.. مممممم….لا بد انه سيكون مزدحما بالفتيات الفضوليات اللواتي يعشقن الزحمة مثلي….إنها فرصة لا تعوض… إنها بداية استعادة أمجادك يا سلوم!! المشكلة أن الشباب سيتهافتون من كل حدب و صوب و الكل يمني نفسه بالعودة بصيد ثمين…. لابد إذن من الدخول إلى ساحة المعركة بقوة علي أن (أكشخ) و ألبس أحسن ثيابي و أعدل من هيأتي و هندامي، حان وقت ارتداء (كندورتي) ذات اللون القرنفلي اللماع و التي فصلتها خصيصا لهذا اليوم العالمي بالرغم من أني متعجب من هشاشة عقول كل من يحتفلون بما يسمى بـ (الفالانتيان دي) فالأولى بنا أن نحافظ على هويتنا و مبادئنا لا أن نتبع الغرب و أفكارهم الهدامة لكن أعدكم هذه آخر مرة أحتفل معهم !!

لحسن الحظ قمت البارحة (بجز) شعر رأسي عند مصفف الشعر المفضل لدي راجو بيوتي (Rajo Beauty) الذي قام بعمل أحدث تسريحة شبابية تبعا لآخر خطوط الموضة الحديثة و أقسم لي أنني أول شخص يجرب هذه التسريحة !! .. عموما..علي أن أسرع قبل أن يزدحم المكان..

ياإلهي!!.. ما هذا الازدحام!؟ و أنا الذي كنت أعتقد أني جئت مبكرا و لكن يبدو أنني تأخرت كالعادة، عموما .. لن أجد صعوبة في إيجاد موقف للسيارة بعد أن استطعت بصعوبة إقناع صديقي (غلام باقري) أن يعيرني سيارته السمارت (Smart) الصغيرة بعد أن رهنت جهازي (البلاي ستيشن) عنده ريثما أعيد له سيارته، إن لم أجد موقفا خاصا لن أتردد في وضعها فوق الرصيف… الحمدلله.. ها هو ذا موقف فارغ.. سأسارع بإيقاف السيارة قبل أن يسبقني أحد إليه و من ثم سأكمل معكم بقية الأحداث.. لكن في المقال القادم..