انتابتني رغبة عارمة بالبكاء أثناء مروري على محل يبيع الأقمشة النسائية في أحد المراكز التجارية بعد أن علمت أن سعر متر القماش المعروض على واجهة المحل يبلغ ألف و خمسمائة درهم بينما لا تكلف أغلى قطعة قماش رجالية أكثر عن 150 درهم ،و ازدادت رغبة البكاء لدي عندما تذكرت أن المرأة لا تلبس فستانها إلا مرة واحدة فقط بينما نحن معشر الرجال نلبس (الكندورة) مرة تلو الأخرى حتى أنه لو قُدر لها أن تتكلم لقالت (يا أخي…. ارحمني)!! و بدأت دموعي تتساقط عندما علمت أن تصميم و خياطة أرخص فستان زفاف في دار الأزياء المجاور يكلف ما لا يقل عن 30 ألف درهم ، بينما كندورة المعرس لا تكلف سوى 100 درهم (عرض الصيف الخاص) أما البشت فغالبا ما يكون سلفية من أحد الشباب!
و جلست أبكي بحرقة واضعا يدي على خدي عندما شاهدت إحدى الفتيات تقوم -ضاحكة-بدفع مبلغ 200 درهم كعربون تفصيل شيلة مطرزة من قماش (الصالونة) الفاخر المضاد للرصاص، بينما لا تكلف أغلى غترة سويسرية مطرزة (كمبيوتر) مبلغ 150 درهم! و بدأ صوت نحيبي يعلو حتى قام بجذب انتباه المتسوقين عندما وقعت يداي على قائمة أسعار خدمات إحدى الصالونات التي تم افتتاحها حديثا حيث اكتشفت أن أبسط تسريحة نسائية مع (شوية) صبغ و سمكرة في الوجه تدفع الفتاة مقابلها ما لا يقل عن مبلغ 250 درهم و من ثم تسارع بعمل دعاية للصالون عند صديقاتها و تقول لهم :”و الله بلاش!”، بينما أبو الشباب المسكين يحلق رأسه (على الزيرو) مقابل 10 دراهم فقط!
و شرعت ألطم خدودي و أشد شعر راسي مما جعل الناس يتجمهرون حولي ظنا منهم أن شيطانا ركبني أو أن صرعا أصابني و هم لا يدرون أن ما انتابني ليس إلا بسبب اطلاعي على سعر (تنتيف) الحواجب في نفس القائمة السابقة و التي تكلف مبلغ 50 درهم مساوية بذلك تكلفة 10 مرات تخفيف و تحديد لحية شاب (منتف) عند أحسن حلاق هندي بواقع خمسة دراهم للمرة الواحدة!
بحثت في جيوبي عن ورقة (كلينكس) أجفف بها دموعي التي بللت ثيابي من فرط غيظي و قهري فبادر أحد المتجمهرين بإعطائي منشفة يبدو أنه اشتراها للتو، و سارعت إحدى الفتيات المتواجدات بالتلويح بعباءتها أمام وجهي اعتقادا منها أن استنشاقي لعطرها النفاذ سيهدئ من روعي و سيخفف من آلامي إلا أنني انفجرت باكيا من جديد عندما تذكرت أن (رشة) واحدة من أي عطر نسائي لها القدرة على جذب كتيبة من الشباب خلفها ليلاحقوها كظلها، في حين أن استخدام نصف قنينة من عطر رجالي مفعولها لا يدوم لأكثر من نصف ساعة!
طلبت من أحد الموجودين أن يساعدني في توصيلي إلى موقف السيارات بعد أن عجزت قدماي عن حملي عندما تذكرت أن الرجل المغلوب على أمره هو الذي يشقى و يتعب في سبيل الحصول على راتب بالكاد يكفيه إلى منتصف الشهر بينما تأتي زوجته (بكل برود) لتبعثر هذا الراتب يمنة و يسرة في شراء تلك الكماليات!
أخيرا لا داعي للقلق فهذه ليست سوى دردشات مدردش متقاعد!