كنا قبل يومين نتناول طعام الغداء في إحدى المطاعم اللبنانية ضمن عزيمة ولكنها هذه المرة ليست من نوع (اعزم نفسك بنفسك) وإنما عزيمة على الطريقة العربية مية المية وذلك بعد أن وجدت نفسي (مجبورا) على دفع مبلغ الحساب، قبل أن تباغتني إحداهن بسؤال عن تجهيزاتنا لعيد الأم الذي سوف يصادف يوم غد الأحد التاسع من مايو، وهو اليوم الذي يعد حدثا استثنائيا هنا في أستراليا وفي الغرب بشكل عام فلا يكاد يخلو محل أومتجر من منتج يحمل ملصقا دعائيا بأنه يصلح كهدية مناسبة للأم في عيدها!
فأجبتها بأننا لا نحتفل لا بعيد أم و لا أب، فكل يوم في حياتنا هو بمثابة عيد لهما، فلما رأيت علامات الاستغراب على وجهها حكيت لها أنا وصديقي قصة “حيزان الفهيدي” الذي بكى حتى ابتلت لحيته بسبب خسارته لقضية رعاية أمه العجوز عندما حكم القاضي لصالح أخيه الأصغر وذلك بعد أن سأل الأم عمن تفضل العيش معه..
والتي أجابت وهي مدركة لما تقول :
هذا عيني مشيرة إلى حيزان وهذا عيني الأخرى مشيرة إلى أخيه
وعندها أضطر القاضي أن يحكم بما يراه مناسبا
وهو أن تعيش مع أسرة ألاخ ألأصغر فهم الأقدر على رعايتها
وعلى النقيض تماما فهناك قصة “ستيف” الأسترالي الذي أخبرني الأسبوع الماضي أنه يخطط خلال عطلة نهاية الأسبوع للسفر إلى ملبورن لزيارة والدته التي تعيش هناك وحيدة ومفلسة، وقد أعد لها مفاجأة بمناسبة هذا العيد تتمثل في تذكرة لحضور حفل غنائي لفرقة “Abba” الغنائية السويدية، قبل أن يعود أدراجه إلى هنا تاركا إياها من جديد مفلسة ووحيدة حتى العيد القادم!
واليوم استغللت جلوسي في إحدى المقاهي للتلاقف على حوار دائر بين زوجين خمسينين، كانت خلاله الزوجة تحاول جهدها اقناع زوجها الكهل بأن يستغل هذا اليوم للتقرب إلى أمه العجوز، وتذكره بأنه محظوظ بأنها مازالت على قيد الحياة في حين فقدت هي والدتها في سن صغيرة، كنت أختلس نظرات على الزوج الذي كانت علامات التأثر بادية على وجهه وهو يغالب دموعه التي كان يمسحها بواسطة “كلينكس” المقهى وهو يهز رأسه موافقا و لا أدري هل ذلك من باب الاقتناع أم خوفا من زوجته الواضح من قسمات وجهها أنها امرأة متسلطة في حين يبدو هو زوج غلبان مغلوب على أمره!
ربما نحن العرب والمسلمين مازلنا متخلفين عن الغرب في نواحي كثيرة ولكن يحق لنا أن نعتز بتقدمنا عليهم فيما يتعلق بالأواصر الاجتماعية وقربنا من بعضنا البعض.
لا أظنكم تريدون أن تعرفوا عن الهدية التي أهديتها لوالدتي عندما كنت صغيرا.. الستر زين!
(4895)
27 تعليقات -- هل تود أن تترك تعليق ما ؟
هذا الرمز * يعني أن الحقل مطلوب . بريدك الإلكتروني لن يتم نشرة