Close

يوم في السفارة الأمريكية.

موسم الصيف والإجازات قد بدأ، وحتى الآن لم أحدد وجهة سفري لهذا العام، ومع أنني امتلك تأشيرة صالحة للسفر إلى أمريكا، إلا أن فكرة السفر إليها مستبعدة وغير واردة عندي بتاتا، فما سمعته من قصص وحكايات عن تجارب المسافرين العرب إلى أمريكا، وما يعانونه من بهدلة في المطارات الأمريكية، بما فيها مدد الاحتجاز الطويلة وما يرافقها عادة من إهانات عنصرية، تجعلني أفضل البقاء على أرض الدولة والاستمتاع بفعاليات صيف مدهش 2009!

foot

أذكر قبل سنوات عندما كنت أعمل على ظهر السفن، ألزمتنا الإدارة بضرورة الحصول على تأشيرة بحرية خاصة بدخول المياه الإقليمية الأمريكية وهي تأشيرة مختلفة عن التأشيرات الخاصة بالمسافرين جوا، وذلك بحجة وجود احتمال لتصدير شحنات من الغاز إلى أمريكا مستقبلا، ولم تنفع محاولاتي للتملص والتهرب من هذا الموضوع فخط ناقلاتنا كان ثابتا ومعروفا ومملا وهو من الإمارات إلى اليابان التزاما بعقد مدته 25 سنة، ولكنني رضخت في نهاية المطاف ولسان الحال يقول : ” مجبر أخاك لا بطل”

ولسوء الحظ صادف في تلك الفترة الإرهاصات التي تلت مباشرة أحداث سبتمبر وما جرتها من ويلات على معشر العرب أبرزها دخولهم إلى القائمة السوداء الأمريكية مع حصول الخليجيين منهم على مرتبة الشرف!

دخول السفارة الأمريكية بطبيعة الحال أظنه أصعب من دخول قصر الحاكم، فلابد من موعد مسبق ورسالة رسمية من قبل مقر العمل تبرر سبب الزيارة، وإجراءات أمنية مشددة تشمل عملية تفتيش دقيقة وشاملة يتم فيها سحب الموبايلات وأي وسيلة اتصال متوفرة.

المهم أنني نجحت في الدخول وأخذت مكانا لي في قاعة الانتظار التي تكدس فيها عدد كبير من الأشخاص الحاملين معهم لحلم السفر والهجرة إلى الجنة الموعودة.

أخذت أتأمل تلك الوجوه المترقبة ومعالم البؤس واضحة عليها وهي تمتم بصلوات وابتهالات الموافقة على التأشيرة، منتظرا أن يحين دوري لحضور المقابلة الشخصية التي يتعين إجراؤها على كل راغب بالحصول على تأشيرة إلى بلاد العم بوش في تلك الفترة.

وحان دوري أخيرا ودخلت إلى تلك الغرفة الصغيرة التي لا تتجاوز مساحتها نصف متر في نصف متر، وقابلني أحد موظفي السفارة وهو يكلمني من خلف لوح زجاجي من فرط سمكه أجزم أن قذيفة بازوكا لن تقدرعلى اختراقه!
لتبدأ معها سلسلة من الأسئلة الغريبة والساذجة:
“يور نيم” هو أسامة أليس ذلك صحيحا؟
لا الظاهر مغلط في العنوان!….. ما تشوف الاسم الي مكتوب في الجواز يا (…)!
“واي” ..بتروح لأمريكا؟
يعني ليش بروح إن شاء الله… بعرض أزياء مثلا!
أوكي…جهاز الكمبيوتر عندي يظهر أن هناك أفراد من قلبيلتكم موجودة في دولة كذا و كذا…وذكر لي اسم دولة في الشرق و أخرى في الغرب!
لا والله؟ طيب بالله سلم لي عليهم .. واحد واحد!

طبعا لم أجرؤ على الإجابة بأي من العبارات المظللة أعلاه ولكنني كنت أكتفي بالإجابة على قدر السؤال واضعا نصب عيني المثل الشهير ” خير الكلام ما قل ودل” مع هز رأسي موافقا على طريقة الهنود، لأن أي إجابة خارج النص كانت ستضمن لي مكانا ثابتا في معسكر جوانتانامو!

وبالمقابل فالوضع لايختلف كثيرا في باقي السفارات الأجنبية والأروروبية منها على وجه التحديد، التي تصر على معاملة من يتقدم للحصول على التأشيرة من مواطني الدولة “كمتسولين” يبحثون عن فرصة للهجرة أو اللجوء السياسي إلى أراضيها متناسين أن هؤلاء “المتسولين” هم الدجاجة التي تبيض لهم ذهبا في موسم الصيف.. خصوصا في ظل الأزمات الطاحنة التي يعانون منها.. آخرها انفلونزا الخنازير.

الغريب أن ذلك الموظف لم يسألني عن صلة القرابة بيني و بين أسامة بن لادن..وهو السؤال الذي كنت أتوقع أن يطرحه علي في أي لحظة كختام لسلسلة الأسئلة “البايخة” !

(3777)

15 thoughts on “يوم في السفارة الأمريكية.

  1. قلتها من قبل وأقولها ثانية، لنا في الشرق البديل الأفضل عن الغرب المهووس بأمنه، عندك ماليزيا (إذا أردت المناظر الطبيعية)، وكذلك هونج كونج (إذا كنت تبحث عن التسوق والجديد) وعندك تركيا إذا أردت بعض الذكريات الاسلامية وبعض المشتريات، وعندك سوريا إذا أردت بعض الحلويات الشرقية التي تستحق شد الرحال إليها 🙂

    لكن هل تسنى لك الاطمئنان يومها عن أحوال أقاربك وأفراد قبيلتك في هذه البلاد الأخرى التي أخبرك عنها، يعني كان الرجل هناك وفر عليك مشقة البحث عنهم والاطمئنان عليهم 🙂

  2. ما عليك يا بوعامر بعد الأزمة المالية وأوباما الأمور تغيرت شوي
    تخيل واحد من اللي أعرفهم وملتحي بعد اسمه داوود قالوله Approved في نفس الوقت لأن الرحلة هذي وراها عقد بالملايييين 🙂
    مهما يكون دائما أقول ابعد عن الشر، مجبر أخاك لا بطل !

  3. انا الآن أكرهها لأسمها فكيف بي أذهب أليها
    أبعد الشر وغنيله زي ما يقول داوود
    .
    انا الصحيح مالي خبره في السفرات هي مره وحده ماتلاها شي .. فخبرتي معدومه بالسفارات والجوازات وكل ما الى ذلك ..
    لكن مب مستغرب هالحرص تعرف الخوف لاعب فيهم .

  4. ” الغريب أن ذلك الموظف لم يسألني عن صلة القرابة بيني و بين أسامة بن لادن..وهو السؤال الذي كنت أتوقع أن يطرحه علي في أي لحظة كختام لسلسلة الأسئلة “البايخة” ! ”

    انا بعد توقعت ها السؤال
    تفجئت يوم اسوي سيرش عن أسم ” اسامة ” وقع امامي رابط مدونتك قبل مقال ويكيبديا عن اسامة بن لادن

    ما شاء الله مبين عليك تفوقت عليه فى محرك بحث جوجل

    ربي يحفظك يا خوي

  5. حآلها لا يطمئن النفس ..

    فـ بمجرد أن تذكرها أشعر بأن هٌنآك متفرجات في ذآتي أود أن افرقعها من حين لأخر ..
    لوكآنت رغبتك لسيآحه شديده .. فـ الافضل أن تكون في بلاد عربيه لتتكافأ مع الحيآه
    بحيث تستطيع أخذ الرآحه بكآفة مشتاقتها دون الاخذ بالتوتر من الطرق الغير مزجيه
    مع هؤلاء البـشر ..
     
    متآبعه دائماً لك ..

  6. السلام عليكم اخي اسامة .. فعلاً .. كثير يهاجرون ولكن كل بسبب .. ولكن هل هذا يعطي الحق بالتعامل بهذه الطريقة في مطاراتهم؟؟!!

    برأيي إذهب إلى أمريكا هذا الصيف .. وعد سالماً 🙂

  7. بعيدا عن الحساسيات والحزازيات، فان أمريك قارة بأكملها، وهي جديرة بالزيارة وفي السفر سبع فوائد، ومن واجبنا كمسلمين أن ننقل حضارتنا وما نؤمن به لكل العالم وبكل الوسائل، وذاك جزء من دورنا الاعلامي المأمورون به شرعا.

    اذا كان ما يلقاه مواطني الدولة في سفارات هذه الدول يعد “سوء” معاملة وأشبه بمعاملة “المتسولين” على حد قولك، فماذا يقول السوري والعراقي واليمني والليبي؟!!!!!!

    نعم، أمريكا هي الجنة الموعودة للكثيرين في هذا الوطن العربي الكبير، وأنا لا أتحدث عن الوضع المادي وانما أتحدث عن احترام حقوق الانسان والكرامة الانسانية، وأرجووووووووووووك لا تقس على دول الخليج، فهذه دول متصالحة مع حكوماتها ويتمتع أبناؤها بقدر عال من الاحترام والكرامة الانسانية، أما ما يحدث في باقي الوطن العربي الكبير…………………………،

    وصدق سيد قطب اذ يقول أن من الفتن أن يكرم المسلم في بلاد الكفر، ويهان في بلاد المسلمين

    ولكن الحق والحق يقال، فان السفارات الأوروبية تتعامل مع الكثير من أبناء الجالية العربية خير مما تتعامل به بعض السفارات اللاعربية، فالحصول على تأشيرة لبريطانيا يستغرق يوما واحدا، وللحصول مثلا على تأشيرة سياحية الى مصر عليك أن تنتظر شهرا قبل أن يأتيك الرد بالرفض (وهذه تجربة شخصية لمقيم في الامارات)

  8. جا على بالي اعلق و أقول يا ترى سألوك عن علاقتك بأسامة بن لادن أم لا ووجدتها في اخر سطرين
    🙂
    مثل ما قالوا الاخوة لماذا لا  تفكر في اكتشاف  بلاد الشرق  ؟

  9. لم أفكر البتة فيها …

    لعلها بعد أوباما أرحم قليلا …

    خاصة بعد انحناءته تلك … 🙂

    شكرا لك عزيزي أسامة

    🙂

  10. أظن أن الوضع الحالي اختلف كلياً في المعاملة .. فأخوي منذ أيام ذهب للسفارة الأمريكية هو ومجموعة من أصدقائه الطلاب للحصول على تأشيرة زيارة لحضور أحد المعارض العالمية التي تقام هناكـ ، وكانت مقابلته من أروع مايمكن كلها ضحكـ ومزح .. يمكن اكتشفوا الأمريكان أخيراً انهم مالهم غنى عن العرب عامة والخليج خاصة اللي يبضوا لهم بيض من ذهب !

  11. شبايك..

    خياراتك جميلة..و أعتقد سآخذ بواحدة منها كبديل عن أوروبا…و بالنسبة لأفراد القبيلة فلا أظنك تريد أن تعرف اسم الدولتين التي ذكدهما لي 🙂

    عابر سبيل..

    الظاهر صاحبك هذا قرا عليهم 🙂

    مساعد..

    وصدقني ل لو سافرت اليهم ستزداد كرها لهم!

    آمنة…

    ان شاد الله في المدرة القادمة تقدمين على معاملة إقامة هنا 🙂

    بومايد..

    شو نسوي.. ضريبة الشهرة الجوجلية!

    المشتاق..

    لا أظن أنني سأفعل.. إلا إذا أردتني آن أعتزل التدوين اعتزالا تاما!

    أواب…

    هي جديرة بالزيارة بالنسبة للبعض ولكن ليس بالضرورة لي يا أواب..

    أتفق معك في بعض ما ذكرت و أختلف في البعض الآخر…
    هنا أتحدث عن تجدبة شخصية.. ربما مضى عليها فترة من الزمن أتمنى خلالها آن يكون الوضع قذ تحسن..

    وبالمناسبة فقد تعرضت الى موقف آخر في السفارة الفرنسية الا أنني لم أذكره كي لا آكون قد كررت نفس القصة!

    جنة..

    يبدو أنني فرأت ما يدور في خواطركم 🙂

    فهد..

    أتمنى أن يكون أوباما زرحم قليلا كما ذكرت..ولكنني لست متفائلا!

    أفلاطونية..

    آعتقد أن والدتك قد دعت له 🙂

    مساعد..

    كنت سأولي الأدبار دون أن ألتفت خلفي…و الموبايل حلال عليهم !!

  12. رائع جدا
    ومن اجمل ما قرأت
    اخي…
    مع الاسف الامة العربية وبالتحديد الخليجية
     
    تلقى اسوأ تعامل من الامريكان انفسهم 
     
    اللذين نعتبر نحن كما قال الكاتب الدجاجة التي تبيض لهم ذهبا
     
    وبدون اي رقيب ولا حسيب على ما يقال وما يجري في اروقة سفاراتهم ومطاراتهم
     
    لو اننا نملك عقلية الوقوف بلا مساعدتهم لكنا الان في مرتبة من العالم
     
    والكل يهابنا ,ولكن ليس كل ما يتمناه المرء يدركه
     
    فنحن نعتبرهم القدم التي تحملنا
     
    والكرسي المتحرك الذي يعين الشخص المعاق في حركته

    كم أتمنى ان اكمل ردي ولكن ( سيبها في القلب احسن)

    اشكرك بشدة

Leave a Reply to سعيد المهري Cancel reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *