استغليت فترة تواجدي في مطار هيثرو اللندني في كتابة جزء من هذه السطور و أنا في طريق عودتي إلى أرض الدولة، فبالرغم من أن عطلة (الكريسماس) التي خصصتها جامعتنا لا تتجاوز الأسبوعين إلا أنني فضلت أن أعود خلالها إلى أرض الوطن العزيز و أن أقضيها وسط الأهل و الأحباب على أمل أن ألحق بالأيام المتبقية من شهر رمضان الكريم الذي مر علينا في الغربة مرور الكرام بلا طعم و لا رائحة و دون أن نحس أو نشعر به فلا الجو العام يساعد و لا (الإنجليز) المحيطون بك يشجعون ،و مما زاد الطين بلة توافق توقيت أداء امتحانات نهاية الفصل مع الشهر المبارك ، ولكني آمل أن يساهم قضائي لأيام عيد الفطر المبارك هنا في تخفيف الضغط الذي سببته تلك الامتحانات (المستعصية)!
و لكن ما كان يشغل بالي و يؤرق مضجعي خلال نومي قبل عودتي مبالغ (العيدية) الكبيرة التي يتوجب علي صرفها خلال أيام هذا العيد المبارك خاصة مع الازدياد الطردي الكبير نسبيا في عدد أطفال العائلة و الأقارب و (الفريج) أيضا ،ففي اعتقادهم أن حصولي على راتب مبتعث يعطيهم الحق بمطالبتي بعيديات فوق (العشرة و العشرين) بالرغم من أني لست سوى طالب مسكين؛ ما يدخل إلى جيبي الأيمن يخرج من الجيب الأيسر و بالعكس قبل أن ينتصف الشهر حالي مثل حال معظم الموظفين ذوي الدخل المحدود و الالتزامات غير المحدودة! و (ياخوفي) أن يطالبني (اليهال) بأن أعطيهم عيدياتهم (بالإسترليني)!!
ما لبث أن نفضت هواجس (العيدية) بعيدا بعد أن قمت بعمل حساباتي لميزانية السنة الجديدة فوجدت أن المبلغ الذي سأصرفه كعيديات متفرقة أقل بكثير من مبالغ الغاز و الكهرباء المخصصة للتدفئة خلال اسبوعي الكريسماس خصوصا مع البرد القارص الذي يكتنف البلاد في مثل هذا الوقت من السنة فلم تفلح السنين الأربع التي قضيتها في بريطانيا في تغير دمائي العربية الحارة إلى دماء إنجليزية باردة ؛كيف ..و أنا الذي نشأت و ترعرت في جو السونا الطبيعيي!
و لا أخفي عليكم أن ما شجعني على العودة في هذه الإجازة القصيرة افتقادي للأكلات و الوجبات الرمضانية الشهيرة من سمبوسة و لقيمات و ثريد…. إلخ فباعتقادي أننا أكثر الناس احتياجا لها في الغربة مع الجو البارد و ندرة الأكل الحلال هذا بالرغم من أن الصيام هناك يسير جدا و خاصة أننا في فصل الشتاء فالنهار قصير جدا ؛ فالشمس تأوي إلى مغربها الساعة الثالثة و أربعين دقيقة !! و يدخل وقت العشاء الساعة الخامسة على أكثر تقدير!
و يوافق عيد الفطر المبارك لهذه السنة مناسبة الكريسماس و رأس السنة لدى الانجليز و الغربيين بصفة عامة فالتجهيزات تجري هناك على قدم و ساق حالها كحال استعداداتنا للعيد هنا، فحركة التسوق و المبيعات ت�%B