Close

العودة الصعبة إلى اليوتيوب!

أحاول هذه الأيام أن أعود مجددًا إلى نشر الفيديوهات على قناتي في اليوتيوب، ليست بدافع الحنين فحسب بل هي محاولة جادة للحفاظ على حساسية التعامل مع الكاميرا والعدسات، خصوصًا بعد أن فقدت شيئًا فشيئًا شغفي القديم بالتصوير الفوتوغرافي،المشكلة الأكبر بالنسبة لي لم تكن يومًا في المهارة أو الوقت، بل في الاستمرارية… تلك الخصلة التي تحتاج إلى جهد أكبر من الموهبة نفسها!

لا أملك عذرا حقيقيا للتسويف، أمتلك أحدث المعدات وعندي قائمة جاهزة بالمواضيع التي أرغب بالتحدث عنها، وبعد انتهاء الدوام لدي متسع جيد من الوقت بالاضافة إلى عطلة نهاية الأسبوع، لكن خطوات صناعة فيديو واحد مرهقة وتحتاج إلى نفس طويل: من كتابة السكريبت، إلى التحضير والتصوير، وصولًا إلى المونتاج الذي يبتلع الساعات وكأنها دقائق، لكن كل هذه التحديات لا تُقارن بالشعور الذي تمنحك إياه لحظة نشر الفيديو ومشاركته مع الآخرين، خاصة عندما يكون المحتوى نابعًا من تجربة شخصية أو فائدة أرغب بمشاركتها، ما ينقصني فعلًا هو شرارة الالتزام الأولى.

أتممت قبل أيام فيديو مؤثر لليوتيوبر المصري علي محمد علي، تحدث فيه بصراحة عن كرهه المتزايد لليوتيوب، وخصوصًا بعد التغيرات الأخيرة في خوارزميات المنصة، شرح كيف أن اليوتيوب أصبح يُكافئ المحتوى الترفيهي السطحي على حساب المحتوى العميق أو التعليمي، وكيف أن صانع المحتوى مضطر للدخول في سباق مستمر مع الزمن، لأن التوقف عن النشر لفترة بسيطة قد يعني دفن فيديوهاته القديمة، حتى وإن كانت غير مرتبطة بزمن أو موسم،كان كلامه صادمًا ومُحبطًا بالنسبة لي، لأنه ببساطة يصف واقعًا أعيشه: أنا أيضًا أنشر محتوى تعليمي وتجريبي، لا أبحث فيه عن الترند أو الضحك السريع، وأشعر وكأن الخوارزمية تقول لي: لن نساعدك… إلا إذا غيرت محتواك، وما يزيد الإحباط بشكل أكبر، أنني أرى كل هذا التعب يُترجم إلى عشرات المشاهدات فقط،  فيديو تعبت عليه أيام لا يشاهده إلا قلة، وهنا يبدأ السؤال الداخلي المتكرر بعد نشر كل فيديو: “هل يستحق كل هذا العناء؟”

في التدوين، أكتب دون أن يقلقني عدد القرّاء، أدوّن لأوثّق لحظاتي وأفكاري، وقد يقرأها أحد، وقد لا يقرأها أحد، أما في اليوتيوب، فالأمر مختلف تمامًا؛ فالهدف من القناة كان – ولا يزال – مشاركة تجاربي وخبراتي مع الناس، لذلك، من الطبيعي أن أسعى أن تصل فيديوهاتي إلى أكبر عدد ممكن من المشاهدين، لا حبًا في الأرقام، بل لأن كل تجربة عشتها هي رسالة أؤمن أنها تستحق المشاركة.

صحيح أن خوارزميات اليوتيوب قد تغيّرت، وصحيح أن المحتوى الجاد لا يلقى ما يستحقه من دعم، لكن ما زلت أؤمن أن الكاميرا قادرة على إيصال رسالة، وأن من يتكلم من قلبه سيصل حتمًا، حتى لو بعد حين.

 

(18)

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *