FOMO!

هذه الأيام أخوض تجربة الانقطاع عن الواتساب ووسائل التواصل الاجتماعي بشكل عام ، لا لأنني أصبحتُ زاهدًا، ولا لأن هاتفي تعطّل فجأة، بل لأن الضجيج تجاوز الحدّ وصارت الحياة الرقمية زحام من الاشعارات والثرثرة الزائدة ومصدر دائم للقلق والتوتر  وسوء الظن.

كأثر مباشر، بدأت أُنجز عملي بتركيزٍ حقيقي، وقرأت كتبًا طالما انتظرت فرصة للعودة إليها، أصبحت أجلس مع أبنائي بحضورٍ كامل؛ أُصغي إليهم، أُحاورهم، وأتفاعل مع ما يقولون بصدق. لم يكن الأمر مجرد خطوة تقنية، بل كان تخلّيًا واعيًا عن عادات سيئة تسلّلت إلى حياتي بهدوء، حتى ظننت أنها منّي.

كنت أستيقظ، فأمدّ يدي لا إراديا إلى الهاتف كأنني أبحث عن شيء مفقود، أفتح الواتساب إما بحثا عن رسائل لم تصل فأجد أخبارًا لم أطلبها ومقاطع لا تهمني، وحوارات تبدأ عادية وتنتهي بنقاش وجودي أو توتر إضافي، وآخر ما تغمضه عيناي هي نظرة على  شاشة الجوال

وسائل التواصل أصبحت للأسف مصدرًا شبه يومي للأخبار السيئة وتعكير المزاج، تراسل أحدهم فيفتح الرسالة ولا يرد، وآخر  يراسلك وينتظر منك شيئًا لا تعلمه، وثالث يُلقي عليك مسؤوليات غير منطقية… بحجة أنك “متصل دائما”

اليوم؟
قررت الانسحاب، لا هروبًا… بل حفاظًا على ما تبقّى من أعصابي، ببساطة من أرادني… فليتصل، ومن لم يرد… فليطمئن، لن أزعجه برسائلي.. وان احتجته حقا فسوف أتصل..

أهلي استغربوا:
“أين اختفيت فجأة؟ لماذا ترد على الرسائل في المجموعات؟ هل كل شيء بخير؟”
نعم، كل شيء بخير بل أفضل من السابق بكثير.

هم لا يصدقونني… لكن هذه هي الحقيقة!

دخولي الآن محدود للغاية، مشاركة موقع مع عامل توصيل، صورة إيصال تحويل، أو تفاعل سريع لا يكلّفني صحتي النفسية…كما يقولون : “كلمة ورد غطاها”

تُخبرنا الدراسات أن تقليل استخدام السوشال ميديا يُقلل القلق والاكتئاب، وأنا أقول: بل يُعيد إليك نفسك التي تاهت في الزحام.

كلما خفّت الإشعارات… ارتفع السلام.
كلما قلّ الكلام… زاد المعنى.
كلما خرجت من مجموعة… دخلت في حالة طمأنينة.

هل سمعتم بمصطلح فومو FOMO  Fear of Missing out  أو الخوف من فوات الشيء؟

نخاف أن يفوتنا الجديد، بينما نفوّت الأهم: أنفسنا… وأوقاتنا…ومن نحب…

دمتم بود

(30)

أعجبتك المقالة ؟ يمكنك مشاركتها مع أصدقائك

أسامة

أسامة الزبيدي، مدون ومصور فوتوغرافي , من مواليد العاصمة الإماراتية أبوظبي في 1978 بحار سابق وموظف حالي ورجل أعمال على قد حاله

4 تعليقات -- هل تود أن تترك تعليق ما ؟

هذا الرمز * يعني أن الحقل مطلوب . بريدك الإلكتروني لن يتم نشرة

اترك تعليقاً