لست بصدد التبحر في مستنقع الفن و الفنانين ، فمن يمتلك ما يكفي من الصبر و طولة البال فعليه بالتقليب بين الفضائيات المختلفة و تصفح المجلات العربية المنتشرة ليرى و يقرأ ما يشيب له الشعر (إذا ما تبقى شعر أصلا!) و لكني أكاد أموت كمدا و غيظا عند رؤيتي لتلك اللافتات العريضة و سماعي للشعارات البراقة التي يرفعها هؤلاء الفنانون المحترمون ليضحكوا بها على عقول المهوسين بهم من الشباب و الفتيات (المتيمات) رغبة في إضفاء مزيد من هالات الشهرة الكاذبة التي تتولى وسائل إعلامنا المبجلة عملية توسيع نطاقها بكل اقتدار، و للأسف تنطلي مثل هذه الحيل الخبيثة و الطرق الملتوية على الكثيرين من أفراد هذا الجيل التائه، فسرعان ما ينساق وراءها بشكل أعمى دون التفريق بين القضايا الفنية السطحية و بين قضايا الأمة المصيرية التي لم يكن التضامن معها في يوم من الأيام و لن يكون أبدا بالمشاركة في حفلات الرقص و هز الوسط و الأرداف بل هناك ألف طريقة و طريقة قويمة يعرفها الجميع و لا تحتاج إلى تبيان، فقضية مراد لها أن تمحى من ذاكرتنا كقضية فلسطين الكبرى لن تذكرنا بها أغنية نغنيها أو أهازيج نترنم بها، و النكبة التي يعاني منها شعب العراق أرقى و أسمى من مجرد (ملحمة) غنائية أو أوبريت يجتمع لأدائه الفنانون و الفنانات من كافة أنحاء الوطن العربي،لكن يبدو أن فنانينا المقتدرين لهم رأي مخالف تماما لهذا المنطق، فهم يحاولون بشتى الطرق و الوسائل أن يقنعونا نحن أفراد الشعب العربي المغلوب على أمره أن هذا (العك) الفني و الغنائي المبتذل هو فن راق و رسالة سامية تستحق أن نقف لها احتراما و تقديرا، و أن الرقص و التصفيق و الغناء هي من الطرق الحضارية الشرعية للتعبير عما يدور بداخلنا من غضب و قهر و ذلك بدلا من رفع الأكف إلى المولى و التضرع بالدعاء طلبا للمدد و النصر و من ثم رفع السلاح في وجه الغاصب المحتل، فتلك الأخيرة ليست سوى إحدى الوسائل الـ (إرهابية) و الغوغائية التي لا تتوافق بتاتا مع مطالب السلام العالمية التي يجب أن نلبيها و نتعايش معها حتى لو تطلب منا ذلك تغيير كثير من القيم الدينية و المفاهيم المتوارثة.
صدقوني يا جماعة الخير فن هذه الأيام ليس سوى سلسلة جديدة من النكبات و الكوارث الذي ابتلينا بمعايشتها يوميا على شاشات الفضائيات العربية لتضاف إلى قائمة طويلة من المصائب و الانتكاسات على مر الأزمان و العصور!!
على الوتر:
لو كان غناؤنا و ترديدنا سوية لأغنية ذلك المطرب الغضنفر الذي ارتكب غلطة عمره عندما تجرأ على إسرائيل طفل أمريكا المدلل، فأطلق العنان لمشاعره ملعلعا بصوته الذي لا يقل ضجيحا عن أصوات (الكنديشنات) في فصل الصيف سوف يغير شيئا من واقعنا الأليم و سوف يحرر و لو شبرا من أراضينا المحتلة.. فلنغني و لنرقص.. و لنجعل العالم يضحك علينا و على بلاهتنا!