Close

شيشة طبية!

  • من الطبيعي أن يكون لدى كل منا طموحه الخاص في أن تأسيس مشروع تجاري خاصا به، سواء كان ذلك المشروع يتمثل في شركة أو مؤسسة أو حتى متجر صغير يدرعليه دخلا إضافيا في ظل المسؤوليات المتزايدة و الغلاء المعيشي الذي يزحف علينا رويدا رويدا، و ذلك بدلا من الاعتماد كليا على الوظائف الحكومية و رواتبها المحدودة، لكن المستنكر أن تسمع عن طبيب مواطن لم يجد بعد تخرجه مشروعا أفضل من افتتاح مقهى أو (شيشة) كما يحلو للبعض أن يسميها، فبعد أن توقع الجميع أن مشروعه التجاري لن يخرج عن إطار افتتاح عيادة أو مركز طبي لعلاج المرضى و المحتاجين، كنتيجة منطقية لعناء سنوات طويلة من الدراسة النظرية و التدريب العملي في الخارج، إلا أنه ضرب بكل التوقعات عرض الحائط و آثر القيام بافتتاح (وكر) جديد لتلك السموم القاتلة، حتى لو كان ذلك يتعارض تماما مع المبادئ و الشعارات التي أفنى دهرا من عمره في سبيلها، فبلا شك أن المقاهي تعد هذه الأيام إحدى المشاريع التجارية المربحة قياسا بمدى الإقبال الشديد عليها حتى من قبل الجنس الناعم! لم أزر هذا المقهى حقيقة و لا أفكر في ذلك لكنني أتصور أنه يقدم لزبائنه شيشة (بمعسلات) طبية مختلفة مثل: شيشة بنكهة البانادول، شيشة بمضاد حيوي لعلاج الالتهابات الحادة، شيشة بمعسل الأنسولين لمرضى السكر…و هلم جرا!
  • جاءني ذات مرة أحد البحارة الآسيويين و على وجهه علامات الحيرة والترقب يستأذنني على استحياء في أن يطرح علي سؤالا، فلم أبد أية ممناعة على الإطلاق مما شجعه في أن يقول: تعودت على تشغيل الراديو و الاستماع إلى إذاعات الإف إم الغنائية عندما نكون في مياه الخليج، لكنني أنني ألاحظ دوما أن هناك كلمة دائما ما تتكرر في أغلب الأغاني العربية المذاعة التي لا أفهمها بالطبع و سأكون ممتنا لك لو قمت بتوضيح معنى تلك الكلمة، هززت له رأسي مشجعا له على الاسترسال في حديثه بعد أن استطاع أن يثير فضولي، ففاجأني بقوله: ((أهبك.. أهبك)) فلم أستطع أن أمنع نفسي من الضحك بصوت عالى على الطريقة التي قام بها بنطق الكلمة و أيقنت أنه يقصد بها كلمة ((أحبك)) فحرف (الحاء) غالبا ما يستعصي نطقه على الأجانب، فترجمت له المعنى باللغة الانجليزية مستغربا كيف استطاع أن يميزهذه الكلمة بالذات من بين باقي الكلمات فتذكرت أن الفضل يعود بالدرجة الأولى إلى مطربي (الهشك
    بشك) التي تصدح بأغانيهم أغلب إذاعات الإف إم العربية!!
  • دائما ما ندخل عالم التكنولوجيا من الباب الخلفي -و أغلب الأحيان من باب السطوح!- فنستورد من الغرب كل ما هو سلبي و نترك كل ما هو إيجابي، أقول هذا بعد أن شهد عالم المسجات تطورا هائلا بعد توفير خدمة تبادل الصور الملونة عبر المسجات لتحل محل المسجات (بالأبيض و الأسود)، و مع انتشار الهواتف المتحركة التي تحمل كاميرا تصوير ديجتال- بل هناك أنواع متطورة لها القدرة على تصوير مقاطع فيديو قصيرة بالصوت و الصورة- استغل مجموعة من ضعاف النفوس هذه المميزات التي من المفترض أن تستغل فيما ينفع في تدمير بيوت أسر و عوائل كريمة، فبكل سهولة أصبح بإمكان أي (مغازلجي) أن يذهب إلى أي سوق أو مركز تجاري و يصوب هاتفه المتحرك تجاه أية فتاة ماشية في حال سبيلها و (كليك) و صورتها في هاتفه، و (كليك) آخر و سوف تتوزع صورتها في جميع أنحاء المعمورة و جميع تلك (الكليكات) و الضحية المسكينة (نايمة على ودانها) كما يقول أخوانناالمصريون!
  • أما الشركات التي انتشرت مؤخرا لتقديم خدمة إرسال الأغاني و المسجات عبر الهواتف المتحركة، فلم تفوت قطعا هذه الفرصة الذهبية في استنزاف مزيد من الأموال و استغلال سذاجة كثير من الناس، فاشتد التنافس فيما بينها في توفير باقات مختلفة من الصور و الرسومات تنوعت ما بين الكاريكاتيرية والرومانسية و امتدت لتشمل صور الفنانين و الفنانات العرب منهم و الأجانب، فلا غرابة إذا ما رأيت أحد افراد عائلتك قد اتخذ صورة مبتذلة للفنانة (شاكيرا) أو للمراهقة (بريتني سبيرز) كخلفية ملونة لهاتفه المتحرك بل قد تكون تلك الصورة متحركة لتتحول إلى مقطع راقص من فيديو كليب، والفضل يرجع بالدرجة الأولى لشركات (الألو…) المتعددة التي همها الأول و الأخير جني الأرباح دون الالتفات إلى النتائج الوخيمة المترتبة على انتشار مثل هذه
    المسجات المدمرة، و صح النوم يا إتصالات!