Close

عمال حتى الموت!

شمس الدين، قمر الزمان و بشير الرحمن، ثلاثة عمال آسويين قدر لهم أن يعملوا في إحدى شركات المقاولات الكبيرة التي هي بصدد تنفيذ إحدى مشاريع البنية التحتية في إحدى الإمارات، دار بينهم هذا الحوار الساخن أثناء قضائهم لاستراحة الظهيرة.

شمس الدين: لا أدري مالذي يصبرنا على هذا العمل الشاق في هذا الجو الصيفي الحار جدا، مع أن مستحقاتنا لم نستلمها منذ تسعة اشهر، ألا يكفينا أننا جميعا مكدسون في (كارافان) صغير تأبى حتى الخرفان أن تعيش بداخله!

قمر الزمان: كلامك (مزبوط) لا غبار عليه…فـ(شمسك) الحارة تكاد أن تحرق بشرتي الداكنة حتى صار لونها أشد سوادا من لون القارعلى الإسفلت، و زوجتي و عيالي في (البلاد) يتضورون جوعا منذ شهور طويلة.

بشير الرحمن: عندي لكم (بشارة) طازجة سمعتها للتو من (الأرباب) و هي أنه سيقوم بدفع جميع مستحقاتنا خلال هذا الأسبوع بالإضافة إلى الفوائد المترتبة على التأخير.

قمر الزمان: بشاراتك يا بشير ليست سوى كلام فاضي و فرقعات إعلامية لا غرض منها سوى رفع الروح المعنوية لدى العمال…. بدأت أشك بأنك عميل (للأرباب)!

بشير الرحمن: لا يا (صديق) هذه المرة أنا متأكد جيدا من كلامي فلقد هددته أنني سأقوم بتنظيم إضراب عام بين العمال إذا ما استمر الحال على هذا المنوال.

شمس الدين: صه أنتما الإثنان ..و لا تكثرا من (الجنجال).. و بدلا من ذلك دعونا نفكر في خطة نسترد بها حقوقنا المسلوبة و نعود بعدها إلى بلداننا و جيوبنا (بالروبيات) مملوءة.

بشير الرحمن: إنت (فِكِر) في زين و رأسك (متروس) بالأفكار، أنا أقترح أن نقوم بتظاهرة أمام مبنى وزارة العمل و العمال احتجاجا على وضعنا المزري نطالبهم خلالها بتحسين أوضاعنا المعيشية.

قمر الزمان: أكيد إنت (في مجنون)، أنسيت تلك المظاهرة التي نظمها زميلنا عبدالرزاق الشهر الماضي و تم خلالها إلقاء القبض على عشرين عاملا من زملائنا كانت إقامتهم غير شرعية ؟ شمس الدين: عندي لكم خطة جهنمية،ما رأيكم لو أننا تلاعبنا قليلا في خلطة (الكونكريت) المستخدمة في صب الأساسات و أن نتقاسم مبالغ أكياس الاسمنت و غيرها من مواد الخلطة فيما بيننا؟

قمر الزمان: يا لها من فكرة رائعة و مضمونة خصوصا و أن المهندس الاستشاري نائم (من زمان) حتى أنه لم ينتبه أننا قمنا بتركيب أنابيب مجاري من النوع الرديء بدلا من المتفق عليه.

بشير الرحمن: أضف إلى ذلك أن المقاول الرئيسي للمشروع عهد مهمة التنفيذ إلى مجموعة من مقاولي الباطن و نفد بجلده بعد ان استلم كافة مستحقاته المالية فلا هو فاكر في نظير… أو ظفير!!

شمس الدين: إذن.. معنى ذلك أننا جميعا متفقون، لكن هناك مشكلة واحدة سوف تواجهنا..تتمثل في مشرف العمال (مشتاق) فبالرغم من مظهره المسكين إلا أنه سكين حادة لا يمشي إلا بشكل (سيده)!

قمر الزمان: ما رأيكم أن نبلغ عليه إدارة الجنسية بأنه مخالف لقوانين الإقامة كي نتخلص منه؟

شمس الدين: أنسيت يا عبقري زمانك أنك أنت أيضا بلا اقامة ؟

بشير الرحمن: لا عليكم.. اعتبروا مشتاق (في جيبي) فهو مازال مدينا لي بمبالغ طائلة من جراء إدمانه على الاشتراك في سحوبات الجوائز المختلفة فهو لا يفوت أي سحب سواء كان على سيارة أو دراجة!

شمس الدين: كم أكرهه عندما أراه يبتسم؛ فابتسامته الحمراء تذكرني بمصاصي الدماء…

بشير الرحمن: ها ها ها …هذا بسبب إدمانه الشديد على مضغ حبات (البان)!

و بينما هم منهممكون في التخطيط لبقية تفاصيل العملية صاح عليهم “مشتاق” من بعيد: هيا يا (نفرات) لقد انتهت فترة الراحة و حان وقت العودة إلى العمل..عليكم بإكمال صبغ باقي غرف المبنى و لا تنسوا تركيب الأبواب.

قمر الزمان: أوووه.. أنسيتم أننا فرغنا من الأساسات منذ شهور و لم يتبق على الانتهاء من عملية التشطيب سوى عدة أيام!!

بشير الرحمن: معنى هذا أن الخطة فشلت قبل أن تبدأ..

شمس الدين: يااااااااه كم نحن أغبياء.. قوموا إلى أشغالكم فمصيرنا.. ((عمال حتى الموت))!