كنت أنوي الذهاب إلى الحلاق بعد الدوام مباشرة لكن اتصل بي صديقي اسماعيل وعرض علي أن يعزمني على وجبة الغداء وهو ماكان من الصعب علي مقاومته خصوصا وأن مكان العزيمة هو مطعم الهجرين القريب من مكان عملي في مصفح، وبالمناسبة في حال لم تشاهد مقطع الفيديو الذي وضعت رابطه في تدوينة البارحة فمن ضمن المستجدات التي طرأت على حياتي أنني قمت بتغيير مكان عملي، والمفارقة الغريبة انني عدت إلى نفس الشركة البحرية التي بدأت منها مسيرتي المهنية عام ٢٠٠١ وتركتها عام ٢٠٠٥… وهذا يعني أنني عدت بعد غياب ١٧ سنة!
لست متأكدا اذا كان علي أن اعتبرها المحطة الوظيفية الخامسة بحكم أن الوظيفة التي عدت إليها مختلفة تماما عن وظيفتي السابقة كبحار في أعالي البحار لكن أعتقد أنه تغيير محسوب، هذا التغيير حدث في شهر أبريل الماضي وأنا سعيد جدا به!
حسنا ننتقل إلى لب هذه التدوينة وهي أني قررت البارحة أن أخوض تجربة أن لا أفتح تطبيق الواتس أب خلال وقت الدوام، الدافع خلف هذه التجربة عندما اتصل بي مؤخرا أحد الاصدقاء يعاتبني على عدم ردي على رسالته التي أرسلها لي على التطبيق قبل ايام، هذا الموقف ازعجني كثيرا خصوصا ان هذا الصديق لم يضع أي احتمال ولوكان بسيطا أنني لم أستلم الرسالة بل افترض مباشرة أنني (طنشته) علما بأنني عندما راجعت أرشيف المحادثات اكتشفت أن آخر محادثة بيننا كانت في شهر أكتوبر الماضي واضطررت بعدها أن ألتقط صورة لهذه المحادثة وأعيد إرسالها إليه كدليل دامغ على براءتي من هذا الاتهام! وهذا ما قادني إلى حقيقة أن محاولة البقاء على تواصل مع العالم الخارجي عبر تطبيق الواتس ضرره بات أكثر من نفعه، والضرر الذي أقصده لا يقتصر على الوقت المهدر بسبب فيضان الرسائل اليومية الذي يصلك كونك مشترك – قسرا- في العديد من القروبات أو من أولئك الذين (يُفَوْرِدون) لك أي مسج يصلهم بداعي نشر الخير والفائدة، ولكن أيضا هذا التواصل الدائم عبر الواتس وغيرها من تطبيقات وسائل التواصل الاجتماعية يبقيك في حالة دائمة من التوتر والقلق أن يفوتك شيئ ما ويجعل حالتك المزاجية هشة جدا وسهلة التقلب، قد لا ينطبق ما سبق على الجميع ولكن بلا شك ينطبق علي شخصيا فصدقني عندما يتجاوز عمرك الأربعين فأغلى شيء بعد صحتك ووقتك هي حالتك المزاجية!
للأسف هذا التطبيق أعطى مساحة لبعض الأشخاص أن ينصبوا أنفسهم عليك كأوصياء على أفعالك، أين تذهب اليوم وماذا عليك أن تفعل ولماذا قمت بذلك الفعل، وبات سوء الظن هو السمة السائدة عند التعامل مع هذا التطبيق، هناك أشخاص أقل ما يقال عنهم بأنهم (فاضين) يتقصون تواجدك ويحسبون حركاتك وسكناتك،وأنا أجزم أنك مستخدم لابد أنك تلقيت إحدى هذه الرسائل:
- لماذا لا ترد علي مع أنك (أون لاين)
- أرسلت لك رسالة لم ترد عليها مع أن أخر ظهور لك كان الساعة كذا
- ، سألتك سؤال في القروب أن تخبرني عن المطعم الفلاني لكنك طنشتني في حين رديت على فلان عندما سألك نفس السؤال!
لحسن الحظ أن التطبيق أضاف مؤخرا خواص تمنحك بعض الخصوصية عند استخدامك للبرنامج ومع ذلك فقد لا تسلم من استجواب أمثال هؤلاء!
لماذا أفتح على نفسي باب للوم والعتاب وأنا في غنى عنه؟ لماذا أعطي المجال لغيري أن يسرق أجزاء ثمينة من وقتي وأنا الذي أحتاج لكل ثانية منه!
بالمناسبة في حال لم تفهم كلمة (يُفَوْرِدون) فهي اختصار لجملة (إعادة إرسال)و أصلها كلمة Forward بالانجليزي
أحدهم علق على تغريدتي حول هذه التجربة أنه مسح التطبيق في ٢٠٢٠، وهو الأمر الذي أغبطه عليه وآخر علق قائلا: “أول تطبيق أتمنى أمسحه” وعندما سألته: هل مسحته؟ رد علي : لا مع علامة (!)
لا أنكر أنني استفدت بشكل كبير من هذا التطبيق خصوصا خلال مرحلة البنيان، كان التطبيق الرئيسي الذي كنت استخدمه للتفاوض مع الشركات واستلام عروض الاسعار وتوثيق العقود والاتفاقات ومتابعة سير العمل، وربما أكثر خاصية استخدمها وبكثرة في هذا التطبيق هي خاصية مشاركة الموقع خصوصا وأن البيت ليس عليه رقم محدد حتى الآن، ومهما حاولت شرح موقع البيت فالعبارة التقليدية التي دائما ما أسمعها من عامل التوصيل : أرباب طرش لوكيشن واتس أب!
حسنا كان من المفترض أن أنهي فترة الانقطاع مباشرة بعد انتهاء ساعات الدوام يوم أمس الخميس لكن مع هذا الانقطاع شعرت براحة نفسية وهدوء حمسني لكي أمدد فترة الابتعاد ل ٢٤ ساعة اضافية، فتحت التطبيق بعد انتهائي من صلاة الجمعة واكتشفت أنه لم يفتني شيء… لم تقم القيامة ولم تكن هناك أية طلبات عاجلة أو ضرورية… باختصار لم يكترث لغيابي أحد… الفرق هذه المرة أن الرسائل التي وصلتني خلال هذا الانقطاع المؤقت لم تسقط سهوا ولكن طنشتها وبكامل ارادتي!
يبدو أن قريحتي الكتابية بدأت تعود إلي تدريجيا فلم أتوقع أن أكتب كل هذه السطور بسلاسة وسرعة، لكن أختم تدوينة اليوم بمقطع فيديو لحلقة من بودكاست فنجان مع الرائع عبدالرحمن أبو مالح بدأت مشاهدتها البارحة و أعتقد أنني سأنهيها الليلة خلال مشاوري السريع لدلما مول، مشاهدة ممتعة!
(181)