Close

لا لزواج المنحرفين!

تعتقد بعض الأسر و العوائل أن الحل الوحيد لتقويم اعوجاج أبنائها و هدايتهم إلى الطريق المستقيم هو القيام بالزج بهم في معترك الحياة الزوجية و تزويجهم من بنات الحلال، و الحجة دائما أنه سينشغل بمتطلبات الزوجة و الأولاد و بمرور الأيام سوف يتعود على تحمل المسؤلية لينصرف عن حياة اللهو و اللعب التي كان منغمسا فيها، و لكن في الغالب يأتي هذا الزواج بنتائج عكسية تماما فبدلا من تغير سلوك هذا الشاب نحو الأفضل كما هو مأمول يزداد الاعوجاج و تزيد حدة الانحراف بعد أن يفاجأ (عريس الغفلة) بالتحول الجذري من حياة العزوبية الخالية من أية مسؤوليات إلى (قفص) الزوجية المليء بالقيود و الأغلال دون أن يكون لديه أدنى استعداد لهذا التحول، فبدلا من أن يكيف نفسه على هذا الوضع الجديد يرى أن الحل الأفضل و الأسرع هو الهروب مرة أخرى إلى عالمه السابق عالم أجنحة (ريد بول) مشروب الطاقة الشهير ليحلق فيه بجناحيه مع أخلائه و (خليلاته) دون أية قيود!

طبعا أكثر المتضررات من هذا الزواج غير المتكافئ هي الزوجة المسكينة التي كانت تحلم طوال عمرها بفارس الأحلام وهو يرتدي وشاحه الأبيض و على صهوة جواد أبيض و شعره مصبوغ بالأبيض (الشيب وقار!) و حاط عدسات بيضاء … و كله أبيض في أبيض..(الله يخلي المسلسلات!) يأتي من قلب الصحراء الجرداء لينتشلها من شبح العنوسة (الأسود هذه المرة!) و يحلقا معا في عالم السعادة الزوجية، لتصحو على كابوس أشد سوادا و هو أن من انتشلها ليس سوى مراهق طائش لا يفقه من أبجديات الزواج حرفا واحدا، و له ماضي و سوابق مصبوغة بالقار الأسود، أمواله مبعثرة في إشباع نزواته و شهواته حتى أنه لم يجد (حمارا) ليمتطيه!

و الزواج بالنسبة له ليس سوى محطة (ترانزيت) قصيرة يغير فيها من روتين حياته (الصاخب) قبل أن يعود مجددا لأحواله المتردية السابقة إن لم تكن أسوأ، فتظل الزوجة تعاني بصمت من التصرفات الخرقاء لهذا الزوج الطائش، و تكون الطامة الكبرى إذا ما رزقت منه بأطفال لتجد نفسها متورطة بين مطرقتي البقاء تحت كنف هذا الزوج التافه و بين الطلاق و ضياع الأبناء!

و الغريب أن هناك من الأباء من يغض الطرف و يفضل أن يقف موقف المتفرج لما تعانيه بناتهم من تبعات هذا الزواج الظالم، و يفضل أن تبقى ابنته بين يدي زوج (منتهي الصلاحية) يذيقها يوميا شتى أنواع الإهانات الجسدية و النفسية على أن (تطيح في جبده) وتعود إلى بيت أهلها و هي تحمل لقب (مطلقة) عملا بالمثل القائل: (ظل راجل و لا ظل حيطة) مع أن الوقوف تحت الشمس الحارقة في هذه الحالات بدون أي ظل أفضل و اشرف بالتأكيد من أن يتجنى الأب على ابنته بالموافقة على شاب يفتقد للحد الأدنى من مقومات الزواج، و هنا تكمن حكمة الرسول صلى الله عليه و سلم عندما قال في حديثه الشريف :”إذا من أتاكم من ترضون دينه و خلقه فزوجوهم”.. فالدين و الخلق شرطان أساسيان لابد من توفرهما في المتقدم للزواج، فالدين بدون خلق.. و الخلق بدون دين (ما ينفعش) على قولة الشيخ المصري “وجدي غنيم” فكلاهما مكمل للآخر.

نعم هناك بعض الحالات النادرة التي قد تفلح فيها الزوجة في تقوم سلوك زوجها و تغيير أخلاقه و هذه مغامرة و مخاطرة غير محسوبة تحتاج إلى صبر و تحمل من قبل الزوجة، لكن الغالبية العظمى تكون من ضمن فئة المتضررين و على رأسهم الأطفال المساكين الذي يضيعون وسط دوامة المشاكل التي لا تنتهي.

لذلك أصرخ وأنادي بملئ فمي… لا و ألف لا لزواج المنحرفين!

و غداً نتناول بعض المقترحات و الحلول في سبيل محاربة هذه الظاهرة…تحت عنوان:
“جهزوهم قبل أن تزوجوهم!”

(808)