“مايكل رورك” كان هو المهندس المشرف على تدريبي في إحدى رحلاتي البحرية، مازلت أذكرجيدا قوامه الممشوق وعضلاته المفتولة وتقاسيم وجهه الصارمة التي تعكس شخصية تبدو في ظاهرها عدوانية، كان يتوجب علي خلال الرحلة إكمال مجموعة من المهام المحددة ضمن جدول التدريب ومناقشة نتائجها ضمن جلسة أسبوعية في كابينة “مايكل” الخاصة على متن السفينة، أذكر أن تلك الجلسة كانت تمثل هما كبيرا بالنسبة لي، فعلاوة على كون “مايكل” مهندسا بارعا جدا فقد كان أيضا معلما صارما جدا، فكل مهمة مكتملة لا يصدِق عليها “مايكل” إلا بعد أن أنجح في الإجابة على قائمة طويلة من الأسئلة التقنية، وأي تقرير كنت أقدمه يمر عليه كلمة كلمة وحرفا حرفا لكي يتأكد من صحة المعلومات الواردة فيه، كنت أستغرب من قدرة “مايكل” على معرفة الفقرات التي قمت فيها بعمليات “كوبي بيست” قبل أن أكتشف أنه قرأ جميع كتيبات الاستخدم الموجودة على متن السفينة وحفظها عن ظهر قلب، كان بكل بساطة إن لم يعجبه أي تقرير أقدمه له يرميه في وجهي ويسمعني بعض الكلمات التي (تسم البدن)، أما إذا أراد أن يكون لبقا بعض الشيء فيكتفي بتمزيق التقرير أمامي ويطلب مني المغادرة وإعادة صياغته من جديد!
من المواقف التي لا أنساها أنني كنت ذات مرة منشغلا بأخذ مجموعة من قراءات عدد من الأجهزة في غرفة التحكم ، قبل أن ينطلق جرس إنذار الحريق إلا أنني ولسبب ما تجاهلت الإنذار ومضيت قدما في استكمال مهمتي وكأن شيئا لم يكن، وما هي إلا دقائق قليلة وأقبل”مايكل” وعيناه تقدح شررا ليعطيني فاصل (بهدلة) محترم تلتها محاضرة عن أهمية الاستجابة في حالات الطوارئ وحماية الأرواح، من بعدها صرت لا أتجاهل أي نداء انذار حتى أنني كنت أتخيل انطلاقها في بعض الأحيان!
لحسن الحظ لم يكمل “مايكل” باقي الرحلة إذا تم استبداله بمهندس آخر أسترالي الجنسية اسمه “ألان”، ولكن “ألان” كان على عكس “مايكل” تماما، لم يكن مهتما كثيرا بأمري بل كان كل ما يهمه هو كيفية تعبئة كرشه الضخم بما لذ وطاب من المأكولات والمشروبات التي كانت تقدم لنا مجانا، أيقنت لاحقا أنني كنت سيء الحظ بمغادرة “مايكل” فمقدار التعلم والاستفادة التي كنت أحصل عليها كانت تستحق أن أتحمل الألم الذي كان يسببه لي عن غير قصد.
في قسمي وعلى إحدى الموظفات طبقت بعض الاستراتيجيات التدريبية التي كان يمارسها علي “مايكل”، وكنتيجة لذلك تم ترقية الموظفة ونقلها من القسم ومنحي تقييم أداء ضعيف لأكتشف لاحقا أنها رفعت شكوى ضدي عند مديري المباشر!!
(2587)
من طول الغيبات جاب الغنايم..
كيف حالك يا بو عامر، لا احب ان اكثر من القدمات لكن فعلا اتشوق لارى جديدك في المدونة لما يحتويه من قصص تختلط بالفكاهة و الاثارة ،اولتراجدية مثل اليوم.
بالنسبة لقصة مايكل… فهي فعلا احدى الفترات التي يتندم عليه الشاب المبتدأ في عمله. لما يعتقده في بادئ الامر ضغط و بهذله و طفش لكن نتائجه كبيرة في الحياه العملية. المشكلة تكمن في طريقة كسب الطرف الثاني ” المتدرب” الذي لو قام مايكل باضافة علاقة حسنه و بعض النصايح الطيبة المخلوطة بالاهتمام و الارشاد لوضحت الصورة لدي اي متدرب.
أما قصة حصولك على تقدير ضعيف فجعلتني اضحك، لا ادري ما تخيلته هل هل كان واقع لكن لا مجال لشك ان العيب ليس في الموظفة لكن في “الارباب الكبير”.
للمزيد وبالتوفيق.
” منصب مدير” 🙂 دعابة
لا أنفي أنني تضايقت من اسلوب مايكل الجلف في التعامل، لكن والحق يقال فقد تعلمت منه كثيرا بل كان أفضل مهندس استفدت منه طوال مسيرتي البحرية، نعم كنت شابا صغيرا ليس لا أمتلك رحابة الصدر ولا بعد النظر عند في التعامل مع الناس ولكن أعيد وأكرر أن جرعة التدريب المكثفة التي حصلت عليها كانت تستحق بعضا من الألم الذي واجهته!
سعيد بمتابعتك ومرورك الدائم أخي أبو هند:)
نحن بنو البشر لا ندرك أهمية الشيء الا بعد فقدانه، لكن ارى ان في تعاملاته بعض القسوة المبالغ فيها احيانا، لكن انت ادرى بما كان ….. ولقصة ورد فعل الموضفة حيرة أعظم عندي !!
أتفق معك أنه في تعامله نوع من القسوة، لكن هي في نظري قسوة محمودة فالكسالى أمثالي لا يمشون إلا بهذه الطريقة:)
من نعم الله تعالى على الإنسان أنه حباه معرفة بعض الدوافع التي تنتج من تعامل إنسان آخر تجاهه .. والتجارب خير معلّم في هذا .. عندما يعاملك أحدهم بقسوة وأنت تدرك أنه لم يفعل ذلك إلا لحرصه على مصلحتك يهون عندك كل هذا التصرف ما لم يصل إلى حد الإهانة والتجريح .. وعلى النقيض من ذلك ، عندما يعاملك أحدهم بالمجاملات والضحك و ( ترك الحبل على الغارب ) وأنت تعلم أنه لا يريد مصلحتك من وراء ذلك .. لن تشعر بالراحة النفسية رغم وجود الراحة الجسدية والوقتية في جميع نواحي العمل أو التعلم !
صحيح رب ضارة نافعة…بالعكس الانسان اللي يعلمك افضل بكثير من ذلك الذي يستغلك ويبتسم في وجهك ابتسامة صفراء ويقول في قلبه “غبي…ساذج ,,,لايتحق التعليم وتضييع وقتي معه…….”
واقول هالكلام ينطبق مع المدرسين بالجامعات بعضهم يقسو يعطي من قلبه وبعضهم يوقل طلاب عرب مواطنيين اماراتيين دلوعيين لا يريدون العلم ولن ابذل مجهودا معهم ويضحك ضحكتهم الصفراء ويا يرسبك اخر السنة او ينجحك اي كلام…وكلاهما يضحك عليك بينما وظيفته مدرس يعلمك ويساعدك 🙂
مثل سوري يقول افرح للي يبكيك لا تفرح للي يضحكلك
وكم ختلفت الموازين في ايامنا هذه .
احببت ان اشكرك على هذا الموقع الجميل وما فيه من كتابات رائعه .