من باب إنكار المنكر و إسداء النصيحة تبرع مجموعة من الزملاء على ظهر إحدى السفن بكتابة رسالة موجهة إلى مدير عام الشركة يطالبون فيها بمنع شرب الخمور و منتجات الخنزير على ظهر سفن الشركة، و و تمت إرسال نسخة من تلك الرسالة إلى جميع الزملاء على بقية السفن ليقوموا بالتوقيع عليها تضامنا بما جاء فيها، و بالفعل كنت أنا و زميلي أول الموقعين.
و أعتقد أن هذين المطلبين منطقيين و ليس فيهما ما يعاب فأغلب الشركات البحرية كشركة الناقلات الكويتية و السعودية و الماليزية قامت بحظر تداول جميع المشروبات الكحولية بأنواعها من باب شرعي أولا و بعد أن تنبهت لما يمكن أن تسببه من خطر على سير العمل على ظهر السفن و تاثيرها على سلامة أطقمها ثانيا، و لا أعتقد أن من يعمل عليها من الأجانب سوف يموتون جوعا إذا ما تم حظر منتجات الخنزير، فمازالت هناك بدائل عديدة من الطيبات التي تصلح للأكل كلحوم البقر و الغنم و الدجاح بالإضافة إلى الأسماك، فلقد بات كل واحد منا (أشير لنفسي و بقية زملائي) في وسوسة و شك في كل مرة نشرع فيها في تناول وجباتنا خشية أن يكون قد شابها بقية دهن أو شيء من منتجات الخنزير قد يتسبب فيها الطباخ سهوا أو نتيجة لإهمال في غسل الأطباق، بل يحصل أن يأكل أحدنا وجبة بها شيء من الخنزير دون أن ينتبه ليقع بذلك في فعل محرم دون أن يدري.
و اليوم وصلتنا أخبار من الشركة أنه تم رفض هذا الطلب الذي وقع عليه أكثر من 15 موظف منتمي للشركة و و ذلك بعد أن اجتمع المدير العام بأحد مديري الإدارات ليشاوره بأمر تلك الرسالة، ليشير عليه ذلك الخبيث قبحه الله بأن (يطنش) الرسالة و ما جاء فيها و لا يلقي لها بالا، فهذه المطالب في نظره ليست سوى مطالب (طفولية) صدرت من شباب مراهقين و متهورين و إذا ما تمت الاستجابة لمثل هذه المطالب (غير المنطقية) فسوف نتشجع في طلب المزيد لا بارك الله فيه و لا في رأيه، و للأسف سمع المدير العااااااااااااااااااااااااام مشورة هذا المدير الخبيث و ذلك بدلا من أن يضع حدا لهذه المهزلة!
أليس من المؤلم حقا أن يتم السماح بتداول هذه المنكرات على سفن مملوكة لدولة عربية إسلامية دون أن يكون هناك أدنى تحرك من قبل المسؤولين و أصحاب الشان في الدولة، و كم هو مخز عندما يمتلك أحد المسؤولين سلطة التغيير و إزالة المنكر و يرفض استخدام تلك السلطة متحججا بحجج واهية و مبررات تافهة، و بالمناسبة مثل هذه النوعية من المسؤولين موجودة و بكثرة في دوائرنا و مؤسساتنا الحكومية … لكن ما هي يا ترى أعذارهم عندما يحشرون حفاة عراة يوم القيامة و يسألون أمام الله عن سبب عدم تغييرهم للمنكر مع استطاعتهم… لا شك أن حسابهم سيكون عند الله عسير .. و عسير جدا…و حسبنا الله و نعم الوكيل.
(1078)