طارق الصباح!!

تعودت أن أستيقظ مبكرا قبل أن يستيقظ ابني عامر لعلي أحظى بدقائق من الهدوء و السكينة أتمكن خلالها من إنهاء بعض الأشغال و الواجبات المدرسية التي تتطلب مني بعض التركيز، هذه اللحظات لا تدوم في العادة طويلا قبل أن أفاجأ به و هو يفتح علي باب الغرفة- مع أنني أتأكد دائما من إحكام إغلاقها!- حاملا معه رضاعة الحليب الخالية ليرتمي في أحضاني طابعا على خدي قبلة الصباح (ليس لوجه الله و لكن لمصالح سوف يأتي ذكرها لاحقا!)
فلقد أثبتت التجارب و طرق (التنويم) المختلفة التي جربناها… القديمة و الحديثة… الصيفية و الشتوية أن النتائج ثابتة لا تتغير، فسواء خلد إلى النوم الساعة السابعة أو الثامنة مساء أو حتى بعد سهرة ليلية إلى ما بعد منتصف الليل فموعد الاستيقاظ غالبا ما يكون ثابتا لا يتغير و هو الساعة العاشرة (إلا ربع) صباحا!

وبعد تلك الحملة المفاجئة لا مفر من قطع جميع الأعمال و إعلان حالة الاستنفار القصوى و التفرغ لتلبية طلبات الدكتور عامر (إن شاء الله يطلع دكتور .. قولوا آمين!)، على رأس تلك الطلبات ملئ غرشة الحليب (ترجمة للرضاعة بالعامية) بحليب طازج (فرش) فحليب النيدو و الرينبو و غيرها من الأنواع (طويلة المدى) و التي تسمى مجازا “حليب” و هي في الحقيقة مكونة من (بودرة + ماء) لا يستستغيها الدكتور عامر بل قد يرمي (الغرشة) بما فيها علي و هو يصدر زمجرة وحشية مخيفة تجعل أوصالي ترتعد خوفا، مع أنها ساهمت بشكل كبير في تنشئة أجيال و أجيال كما نشاهد في الإعلان التلفزيوني الشهير “مع نيدو كبروا العيال الصغار و تغزوا… صاروا كبار” … ركزوا على كلمة (تغزوا) فربما المقصود منها هو الغزو الفكري لعقول الشباب و الفتيات في العالم العربي..!! لذلك أنا كنت و مازلت من أشد المؤدين للرضاعة الطبيعية .. (لأسباب اقتصادية…بحتة!!)

و إذا كنت يا عزيزي القارئ مازلت عازبا و لم تتورط في أغلال الزواج أقصد لم يكتب لك الله بعد السعادة الزوجية فاجعل نصب عينيك أن النظرية الثابتة عند التعامل مع فلذات الأكباد أنه “عندما تمتلئ البطون تمتلئ الحفاظات ” علما بأن الميزانية المخصصة للحفاظات هي أكثر ما تستنزف جيوب الآباء المساكين (بعد الحليب و السيريلاك و منتجات جونسون و..و ..إلخ!!)، و سامح الله مخرج دعايات (البامبرز) التى أوهمتني و أوهمت الكثيرين غيري بأن (الوضع مسطير عليه تمام) دائما و أن عملية التغيير لا تستغرق سوى دقائق معدودة يكون الجفاف بعدها رفيق دائم للطفل، لكن الحقيقة غالبا ما تكون (مرة) و ذلك عندما يرفع الستار عن الحفاظ لتكحل عينيك بكوكتيل من السوائل لها ألوان كألوان قوس قزح و روائح عطرة لا تمس للحليب بصلة …لا من قريب و لا من بعيد!!

لحسن الحظ أن زوجتي تستلم الراية من بعدي و إلا فإني سوف أمضي جل يومي بين منع مزهرية من السقوط و صحن من الكسر و تبديل حفاظ أصابه البلل..!!!

(1864)

أعجبتك المقالة ؟ يمكنك مشاركتها مع أصدقائك

أسامة

أسامة الزبيدي، مدون ومصور فوتوغرافي , من مواليد العاصمة الإماراتية أبوظبي في 1978 بحار سابق وموظف حالي ورجل أعمال على قد حاله

10 تعليقات -- هل تود أن تترك تعليق ما ؟

هذا الرمز * يعني أن الحقل مطلوب . بريدك الإلكتروني لن يتم نشرة