من يستحق أن نَقْرِصَهُ في أذنه؟

لا أذكر أنني في صغري كنت فوضويا بل بالعكس كنت طفلا هادئا وخجولا يضرب به المثل في الأدب والعهدة على الراوي وهي أمي حفظها الله التي لطالما تغزلت بهدوئي وترتيبي في كل مرة تعنف فيها أخي الأصغر الذي هو على عكسي تماما، ومازالت تتحسف على أيام تربيتي وكيف أنني لم أكن أتعبها كما يفعل أخي هذه الأيام، طبعا هذا لا يعني أنني  كنت طفلا مثاليا مائة بالمائة فمازلت أحتفظ في ذاكرتي ببعض المواقف التي شاكست فيها، أذكر مرة أنني كنت ألهو مع بعض الصبية في المسجد خلال الصلاة فقام أحد المصلين بعد انتهاء الصلاة وقرصني قرصة في أذني اليمنى مازلت أذكر  أثر لسعتها، كما أذكر أيضا ملامح ذلك المجرم الذي تجرأ على قرصي وكنت لسنوات طويلة بعد الحادثة أكن له حقدا في كل مرة أراه فيها حتى بعد انتقالنا من الحي الذي يقع فيه ذلك المسجد!

لا أدري لماذ تذكرت تلك الحادثة وذلك خلال جلسة نقاش عائلية خلال وقت السحور وذلك بعد اشتكى نساء البيت من الازعاج الذي يسببه الأطفال في مسجد الحي خلال صلاة التراويح، وهي ظاهرة باتت متكررة كل عام  هذا بالرغم من التبيهات المستمرة والمتكررة من قبل إمام المسجد ينصح فيه الأمهات بعدم احضار أطفالهن إلى المسجد تجنبا للإزعاج وأن من الأولى أن تصلي المرأة في بيتها كي لا تشوش على باقي المصليات ،وهو الكلام الذي مللنا من سماعه مع بداية الشهر الكريم كل عام،  حيث  أن البعض – هداهن الله-  لا يكتفين بالحضور مع طفل أو طفلين بل هناك من تحضر مصطحبة لثلاثة وأربعة أطفال منهم الرضيع الذي لم يكمل عدة أسابع ومنهم  الذي مازال يحبو ويستكشف طريقه بين أرجل المصليات، وهو ما يتسبب في صدامات متكررة يوميا ما بين المصليات القادمات للصلاة بحثا عن صلاة خاشعة استغلالا لأوقات هذا الشهر الكريم  وبين أولئك الأمهات اللواتي يعتبرن مجيئهن للصلاة واجب شرعي ولايحق لأحد أن يمنعهم من أدائه.

وكنا نناقش تفاصيل أحدث تلك المواقف وذلك عندما عبرت إحدى المصليات عن استيائها الشديد بطريقة غير مهذبة من تصرف إحدى الأمهات دأبت  خلال الليالي الماضية  على جلب طفلتيها للمسجد هذا بالرغم من التبيهات المستمرة من بعض المصليات خصوصا وأن إحدى تلك الطفلتين لا يتجاوز عمرها بضعة أشهر كما كانت كثيرة الحركة والصراخ وهو ما كان يتسبب في التشويش على باقي المصليات، والأطفال بطبعهم من الصعب أن يتم السيطرة عليهم وإلزامهم بعدم الحركة والثبات على هيئة أو وضعية واحدة لفترة طويلة، ولكن يبدو  أن تلك المصلية ضاقت ذرعا من تصرف تلك الأم اللامبالية مما حملها على الصراخ في وجهها والتلفظ بألفاظ غير لائقة والطلب منها بأن تصلي خارج المسجد مع أطفالها.

وانتهى ذلك النقاش باقتراح من الوالدة بأن يتم قرص الأطفال في آذانهم عقابا على التسبب في الإزعاج، لكنني خالفتها الرأي بعد أن استرجعت ذلك الموقف المذكور أعلاه، وتساءلت عن  من يستحق أن يقرص في أذنه؟ الطفل الصغير الذي لا يميز بين مكان اللهو وبين مكان العبادة أم ولي الأمر الذي قام بإحضاره لهذا المكان ويصر على ذلك؟

أترك الجواب لكم!

(8178)

أعجبتك المقالة ؟ يمكنك مشاركتها مع أصدقائك

أسامة

أسامة الزبيدي، مدون ومصور فوتوغرافي , من مواليد العاصمة الإماراتية أبوظبي في 1978 بحار سابق وموظف حالي ورجل أعمال على قد حاله

31 تعليقات -- هل تود أن تترك تعليق ما ؟

هذا الرمز * يعني أن الحقل مطلوب . بريدك الإلكتروني لن يتم نشرة

اترك تعليقاً